الثلاثاء، 5 أبريل 2011

سوف حتى الانحناء الأخير

تبدت غيمة هذا الصباح ترافقها زخات من مطر متأخر، لا أدري من أقنع المطر أو صاحبه بالسقوط  ولم
أسأل، لأن زخات المطر التي سقطت لم تبلل شقوق وجه ذاك الصبي الغائب الذي يجلس بباب الخيمة، ولم تشبع فضولي بالسعي خلف السبب، لكنها كانت كافية بأن تمنحني بضع أمل .

تمر دقائق الاعتصام بطيئة بطيئة لتسقط معها قيمة الوقت وترتفع أسهم الإرهاق، هو الإرهاق يبعدنا عن الأحلام، مهما بدت تلك الأحلام قريبة، اليوم وفي الذكرى التاسعة عشر لخروجي من بيت أبي حاملاً حلمي إلى التحقيق
أرى أنها كانت أحياناً ممطرة وأحياناً متعبة وأحيانا أخي سخيفة، لكنها كانت دائماً زاخرة بالهواجس.

في الاعتصام وتحت الخيمة الخضراء قد تحدثك البلابل وقد تضاجعك الغيوم وستسمع وترى أكبر مخاوفك أمامك، سيسري البرد إلى أعماق جوربك المبلل بالمطر، وستعلم أي هجرات هي من هاجرها المرحلون في منتصف عصر الانحطاط، ستكتب انك كنت أحمقاً لما خرجت ولما أخرجت ولما خرجت الفكرة لكنك وفي كل الحالات ستنتظر، الانتظار هو سيد كل المواقف التي ستمر عبرك في الخيام .

"سوف يأتي المحملون بالهم، آكلي الجرد، وسيأتي المحبطون من تكدس الرمل في مسام عيونهم، لم تنتظر جوليا موت الرماد حول ربيعها ولم تنتظرهم أكثر، فهم في الطريق إلى محيط ربيعها قادمون" .

تتوحد الدقائق مع نفسها كخاتمة
تنتثر الرمال فوق أوراق الربيع
 ليرجع الشتاء على رؤوس الأحصنة
سينتفي مني الحنين قريباً ..
لو كانت شعوب الأرض يقتلها الفراغ ..
شعبي سيصحو ... من كومة آفات الفراغ الماجنة

سوف تأتيني الغيمات بكل أنواع الرجال، الخجول والشجاع والكسول والمنفر والجميل، سيأتي الطويل منهم وقاطع الأفكار المستنير، والمنير، وكذا سوف يحضرني المنور، كلهم عادوا وسيحضرنا الإله ويحرسنا القمر .
هكذا أعزي تفتق بنطالي وأذكركِ يا جولي يا عقد الفراغ المثمن لتوهج الضوء فوق السحاب، يا امتداد النور الذي يمنحني السكون في "لوحة فادي" يا غجرية القرن أحادي النظر.

مدينتي تبعد عشرة آلاف متر عن ساحل البحر
المراكب المحملة بالبخور وبالنساء .. وصلت
الربيع الملحمي يعطر الوطن بأنغام الياسمين
وياسمين جديد وصل أيضاً بالمراكب
والطريق طويل جداً..
تفتق بنطالي حتى يكاد يظهر عورتي
ألا أسرعي بترك ميناء الرحيل .. وأقبلي
لو كان ربيعنا من ياسمين حلوتي !!
فالصيف أقبل من ذهب ..

جوهرتي الغالية.. مع اقتراب موعدنا لا أدري بأي صيغة مخاطب سأخاطب نفسي، فمع تقدم الصيف ومع امتزاجه بالعرق المخضب بالمطر الهجين يتشقق قلمي وتصبح الرؤيا متعذرة لقلة ساعات اللقاء معك في احلام الفراش، وكما تعلمين أن الجفاف يلوذ مع تأملاتي بالفرار فلا أفكر في الصيف الا بركوة الجسد على خرير عين حورية تبلل لي أطراف ريشتي كل صباح قبل تبخر الندى عن كاحليها، فلا تدعيني أهيم بكي بغير زيارة .

جارة خيمتي تركوا الخيمة كلهم، حتى أعدائها، تركوها لنسيان والعدم، تركوا تفاصيل الحياة تمر من فوق ركائزها مخلفتاً لنا بعض الغبار وبعض التراب، ربما كانت تفاصيلهم يا جوهرتي مقنعة وربما كانت صواباً، وكن أنا من أخطأ منذ البداية في تهجئة حلمه، فجلس تحت العنوان الخطأ، لكني خرجت يا حلوتي ولن أعود ولن نعود حتى تصل قوافل النساء من هناك، من حيث يصنع الفجر، وتغفو الشمس، من صوب رحم البحر الذي يصنع الملائكة والرجال والنساء الماجدات، ذالك الرحم البطل.

جولي يا ابنة قلب ضاق حتى ما كفته الأرض والسماء اتساعاً لضيقه، يا جارة الحزن الذي عشش حتى بات يحار بالتعريف عن نفسه يا ربيع الروح في كنف الرفيق ..
 تحيتي حليتي فأنا وأنت كنا يوماً ما ضحية .